استدان بشهادة الله.. فسدد الله دينه

“وكفي بالله شهيدا”، “وكفي بالله وكيلا” تلك الآيات ينبغي أن ترسخ لدينا العقيدة، وفعلي العبد أن يتقي الله ويحسبه وكيلاً عليه ليحيا حياة الهدوء، مع التأكيد علي عدم نسيان تلك المعاني في زحمة الحياة والانشغال بها.
وفي قصة قديمة رواها رسول الله صلي الله عليه وسلم، تؤكد تلك المعاني فكان الله “وكيلا وشهيدا” علي أحد الأشخاص فلننظر كيف وفي الله دينه.
وتلك القصة وردت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:
“أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل، سأل بعض بني إسرائيل أن يُسْلِفَه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أُشْهِدُهُم، فقال: كفى بالله شهيدا، قال: فأتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في البحر، فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبها يقْدَمُ عليه للأجل الذي أجله، فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفةً منه إلى صاحبه، ثم زجَّجَ موضعها، ثم أتى بها إلى البحر، فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسَلَّفْتُ فلانا ألف دينار، فسألني كفيلا، فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بك، وسألني شهيدا، فقلت: كفى بالله شهيدا، فرضي بك، وأَني جَهَدتُ أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له، فلم أقدِر، وإني أستودِعُكَها، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف، وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرها، وجد المال والصحيفة، ثم قَدِم الذي كان أسلفه، فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه، قال: هل كنت بعثت إلي بشيء، قال: أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه، قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانْصَرِفْ بالألف الدينار راشدا”.
وكان هذان الرجلان الصالحان من بني إسرائيل، ومن بلدة واحدة علي ساحل البحر، فرأي أحدهم أن يسافر للتجارة ولكنه يحتاج المال للسفر، فطلب من صديقه أن يقرضه ألف دينار للسفر، وحدد موعد لتسديد الدين، فقال له الرجل المقرض، احضر لي شهود علي القرض فرد المقترض “كفى بالله شهيدا” فوافق علي شهادة الله، وقال له أحضر كفيل، فرد المقترض “كفى بالله كفيلا” فرضي بكفالة الله.
وسافر الرجل الذي اقترض مالاً للتجارة عبر البحر، وقام بتجارته وأراد أن يعود إلي بلدته لإعادة الدين في الوقت المحدد ولكنه لم يجد سفينة للعودة لبلدته، وآلمه أن يتأخر في تسديد الدين الذي أشهد الله عليه، فوجد خشبة فحفر فيها وأدخل فيها الألف دينار الذي اقترضهم من صديقه، ووضع فيها رسالة يوضح الظرف الطارئ الذي حدث وعدم قدرته علي الوصول إلي البلدة وأعاد الخشبة كما كانت عليه ورمي بها في البحر وكله ثقة في الله أنها ستصل إلي صديقه الذي اقترض منه المال.
وفي الموعد المحدد لسداد الدين، خرج الذي أقرضه المال إلي البحر ينتظر السفينة العائدة ليعيد صديقه إليه ماله أو يجد رسولاً منه، ولم يجد أحدا ولكنه وجد خشبة قذفتها الأمواج إلي الشاطئ فأخذها يحتطب بها ولما قطعها وجد المال الذي أرسله صديقه ووجد الرسالة.
وبعد فترة قصيرة استطاع صاحبه العودة حيث وجد سفينة تنقله، وحضر سريعاً إلي صاحب الدين ومعه ألف دينار أخري ليعيد القرض لخوفه من عدم وصول الألف الأولي فبدأ يؤكد أن غيابه كان بعذر وأنه حاول الوصول ولم يستطع، فأخبره الرجل أن الله شاهده وكفيله قد أدي عنه الدين في الموعد، سبحانك ربي ما أعظمك.