منوعات تقنية

الأنوف الإلكترونية وتطبيقاتها الواعدة

وهب الله الإنسان خمس حواس مهمة هي: البصر، والسمع، واللمس، والتذوق، والشم. وعلى مر التاريخ حدثت تطورات عديدة في مجال الإلكترونيات لمحاكاة بيئة الحياة الحقيقية فيما يتعلق بالبصر والسمع، أما الحواس الأخرى فلم يتم إجراء تجارب وأبحاث حقيقية عليها إلا في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وذلك عندما جرى اختراع أول مصفوفة من المجسمات لكشف الغازات، ومنذ ذلك الحين بدأ التفكير في تطوير أدوات تمتلك القدرة على تمييز وتحديد الروائح المتطايرة من مصادر مختلفة.
ومع التقدم الهائل في تصميم المجسمات وتطوير المواد وتطور الإلكترونيات والكيمياء الحيوية وتحسين البرمجيات، والتقدم في تصميم المجسمات الإلكترونية وتكامل الأنظمة، بدأ العالم في السنوات العشر الأخيرة يشهد ولادة ما يسمى بالأنوف الإلكترونية electronic noses ؛ وهي أنظمة تم تصميمها هندسياً لمحاكاة وتقليد نظام شم الروائح ، وذلك للحصول على نتائج وقياسات متجددة ودقيقة لتحديد نوعية الروائح بعيداً عن التعب والخطأ البشريين، وفي الوقت نفسه إبعاد الإنسان عن أخطار الروائح.
وفي الوقت الحالي تتسابق مراكز الأبحاث العالمية والجامعات لتطوير الأنوف الإلكترونية التي أصبح لها تطبيقات مهمة ومفيدة في حياة البشر، ومنها الطب والبيئة وصناعة الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل، إضافة إلى التطبيقات الأمنية المختلفة.
كيف يعمل الأنف البشري ؟
ويتكون الأنف البشري من ثلاثة أجزاء بارزة هي الغشاء المخاطي الشمي، والجذر ( البصلة الشمية )، واللحاء ( القشرة الشمية )، تنتقل الروائح خلال الممرات الأنفية المختلفة لتصل إلى الممر المركزي حيث تترابط أو تتفاعل جزيئات الرائحة مع خلايا استقبال شمية حساسة تتجدد كل 30 يوما، وتستجيب خلايا الاستقبال الشمية بإرسال إشارات عصبية إلى تركيب يسمى كبيبات في البصلة الشمية، حيث تعمل هذه الإشارات على استحضار نمط فريد من النشاطية؛ أي عمل توقيع أو بصمة في هذه الكبيبات داخل البصلة الشمية، ثم تحدث عملية معقدة من تمييز البصمة أو التوقيع في الشبكة العصبية للدماغ يتم خلالها تعلم كيفية التمييز بين أنواع مختلفة من بصمات الروائح عن طريق التدريب.
إن نظام كشف الروائح في الأنف البشري يعمل ضمن نظام متكامل يتم فيه تنشيط مجموعة من مستقبلات الروائح من نوع وعدد محددين في حين تبقى بقية المجموعات في وضع الاحتياط. ونتيجة لذلك فإن أي تغير طفيف في التركيب الكيميائي للغاز ( مصدر الرائحة ) سينشط مجموع أخرى من المستقبلات. ولقد وجد أن كميات كبيرة من المواد الكيميائية يمكن أن تؤثر في مجموعة كبيرة من المستقبلات، ومن ثم ستغير الرائحة المنبعثة منها.
كيف يعمل الأنف الإلكتروني؟
يتكون الأنف الإلكتروني من ثلاثة أجزاء وظيفية تعمل بشكل متسلسل على شم الروائح، وتشمل معالج العينة، ومصفوفة من المجسات، ووحدة معالجة الإشارة.
ويمكن للأنف الإلكتروني أن يميز الرائحة حسب هويتها أو خصائصها أو تركيزها، وتعمل مصفوفة المجسات على توليد إشارات إلكترونية استجابة لمركب أو مركبات متطايرة.
تطبيقات الأنوف الإكترونية
توجد أنواع وتطبيقات مختلفة لمجسات الأنوف الإلكترونية منها المجسات الموصلة والبوليمرات والمجسات الكهروضغطية التي تعتمد في عملها على قياس التغيرات في الكتلة معقدة، ويمكن استخدام مجسات متنوعة تبعا لاستراتيجية الأنف الإلكتروني الذي تم اختياره، فبعضها حساس لكتلة الجزيئات الممتصة، أو للشحنات الكهربائية أو تغيرات الإيصالية حسب التفاعلات الكيميائية.
إن الإنجازات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم في تطوير الأنوف الإلكترونية أفرزت تطبيقات متعددة عندما تكون الرائحة ذات اهتمام، ومن المتوقع أن يكون لها دور في كشف المواد الضارة في الهواء، واكتشاف ستويات المبيدات الحشرية، وفي المواقع الصناعية لاكتشاف تسرب الغازات والانبعاثات، وفي الأمن الداخلي كنظام إنذار
للتهديدات البيولوجية والكيميائية والأمنية أيضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لا نستخدم اعلانات مزعجة ، لطفاً يرجى تعطيل مانع الاعلانات ظهور الاعلانات يساعد موقعنا على الاستمرار وتغطية التكاليف