اليابان .. من القبلة النووية الى أكبر القوى الاقتصادية

نعلم جميعاً ان اليابان هى الدولة الوحيدة التى تم قصفها باستخدام القنبلة النووية و ذلك فى كل من هيروشيما و ناكازاجى فى نهاية الحرب العالمية الثانية بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية ، لتعانى بعد ذلك اليابان و التى كانت ذلك الحين أكبر قوة مهيمنة على شرق اسيا و واحدة من أعظم و أقوى دول العالم ،لتدخل فى سنوات من الفقر و الجهل و الأوبئة منخفضة بذلك الى احدى دول العالم الثالث.

War and Conflict #1242
A dense column of smoke rises more than 60,000 feet into the air over the Japanese port of Nagasaki, the result of an atomic bomb, the second ever used in warfare, dropped on the industrial center August 8, 1945, from a U.S. B-29 Superfortress.
كانت المفاجأة للجميع و هم يشاهدون اليابان تنهض و ترتقى لتصبح الآن أكبر قوة اقتصادية بعد الصين و الولايات المتحدة الأمريكية ، متفوقة على دول الاتحاد الأوروبى و الدب الروسي ، بالرغم ما حل بها من كوارث و دمار و توقيعها لاتفاقية “بوتسدام” وهى اتفاقية استسلام غير مشروط عام 1945 ، لتسرّح 5 ملايين جندى يابانى و تنفض أيديها من السلاح اليابانى، الجدير بالذكر أن اليابان مساحتها تبلغ حوالى 880 ألف كيلو متر مربع و مقسمة على 4 آلاف جزيرة ، يبلغ عدد سكان اليابان حوالى 127 مليون نسمة فى دولة 80% من مساحتها عبارة عن أبراج بركانية.
عوامل نهضة اليابان:
تكمن العوامل الرئيسية لنهضة اليابان فى أمرين : أولهما هو اهتمام اليابان بالتعليم و الثانى فى الفرد اليابانى نفسه.
بالنسبة للتعليم فى اليابان فقد اهتمت الحكومة اليابانية بأن يكون التعليم مزيج من المركزية و اللامركزية ، أى انها توفر نفس المحتوى و المنهج الدراسى بل و عدد ساعات الدراسة لجميع الطلاب و مع ذلك لا تُدار منظومة التعليم مباشرة من الحكومة بل عن طريق مجموعة من المحليات و اللجان التعليمية المختصة.
و السر فى نجاح اليابان هو اهتمامها بتنمية مهارات و مواهب الطفل اليابانى ، حيث اهتمت اليابان بأن تعتمد المقررات العلمية على البحث و التجربة بعيداً عن الحفظ الذى تتبعه كثيراً من الدول وخاصة الوطن العربى ، و لم يقتصر الأمر على ذلك بل اهتمت الدولة بالاختيار الصحيح لمعلميها ، لذلك نجد أن المعلم اليابانى من أمهر المعلمين على مستوى العالم و ذلك لانه من بين كل 5 يابانين يتقدمون لمهنة التعليم يتم قبول 1 فقط حيث يخضعون لعدد من الاختبارات الصعبة لضمان جودة التعليم.
و نرى نتيجة ذلك أن اليابان لديها وحدها 800 الف باحث يعملون فى معامل الأبحاث و التطوير و هذا العدد يتجاوز ما لدى بريطانيا و فرنسا و ألمانيا مجتمعين ، و نجد أن احد اسرار تفوق اليابان فى التعليم هو موقفها من البداية فى التمسك باللغة الأم و عدم الالتفات الى اللغات الأجنبية التى يحتل أصحابها أعلى المراتب.
أما عن الفرد اليابانى فهو الركيزة الثانية الهامة التى اعتمدت عليها اليابان، فبالنسبة لدولة تشتهر بالكوارث الطبيعية و مساحتها الضيقة جدا و المقسمة على عدد كبير جدا من السكان يكاد لا يكفى احتياجاتهم الخاصة ، اعتمدت اليابان منذ القدم سياسة استغلال المساحات ، فكانت تزرع الأراضى الواسعة فى المدن و المساحات المهدرة ، نتج عن كل ذلك مواطن يابانى دءوب العمل و له قدرة عالية على التكيف مع الظروف المحيطة ، اذ ان المواطن اليابانى لا يستطيع العيش بدون عمل ، لانه يدرى تماماً ان بلاده ستنهار فى حالة توقفه عن العمل ، وتعزيزا لذلك كانت الحكومة اليابانية تهتم بتعزيز روح العمل الجماعى فى مواطنيها ، و توفير الظروف الملائمة من تعليم مناسب و فرص العمل المناسبة و تقدير قدرات عمالها لضمان جودة العمل فيها.
كل ذلك و مع نهضة اليابان الكبيرة لتصبح واحدة من أقوى دول العالم منافسةً الولايات المتحدة و الاتحاد الاوربى فى التقنية و الأسلحة بل ان كلاهما لا يستطيع ان يضاهى اليابان فى تقنيتها، جعل من اليابان نموذجا تسعى اليه كثيراً و تتخذه نموذجا للنهضة ، بل ان ماليزيا نفسها اعتمدت فى المقام الأول على تجربة اليابان و ذلك كما قال رئيس الوزراء الماليزى الأسبق مهاتير محمد انه فى نهضتة لماليزيا كان يضع تجربة اليابان فى المقام الأول.