حليمة السعدية … مرضعة الرسول

هي حليمة بنت أبي ذؤيب “عبد الله بن الحارث بن شجنة”، مرضعة النبي صلي الله عليه وسلم فهي أمه من الرضاعة، وشرفها الله بإرضاعها لخير خلقه الرسول الكريم.
وتحكي السيدة حليمة عن كيفية إرضاعها للرسول فقالت: “قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء في سنة شهباء فقدمت على أتان قمراء كانت أذمت بالركب ومعي صبي لنا وشارف لنا والله ما ننام ليلنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ما يجد في ثديي ما يغنيه ولا في شارفنا ما يغذيه، فقدمنا مكة فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله فإذا قيل: يتيم تركناه وقلنا: ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه، إنما نرجو المعروف من أب الولد فأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا، فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعًا غيري فلم أجد غيره قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه. فقال: لا عليك..”
وأضافت “فذهبت فأخذته فما هو إلا أن أخذته فجئت به رحلي فأقبل على ثدياي بما شاء من لبن وشرب أخوه حتى روى وقام صاحبي إلى شارفي تلك فإذا بها حافل فحلب ما شرب وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة فقال لي صاحبي: يا حليمة والله إني لأراك أخذت نسمة مباركة”.
مواقف حليمة مع النبي “ص”
كانت حليمة السعدية أول من رأي كرامات للنبي صلي الله عليه وسلم، وعرفت منذ اليوم الأول أنه مبارك أينما حل ولذلك أصرت علي إرضاعه، ومن المواقف التي رأتها السيدة حليمة السعدية ما رواه ابن عباس “خرجت حليمة تطلب النبي وقد وجدت البهم تقيل، فوجدته مع أخته فقالت: في هذا الحر؟ فقالت أخته: يا أمه ما وجد أخي حرًّا، رأيت غمامة تظلل عليه، إذا وقف وقفت، وإذا سار سارت، حتى انتهى إلى هذا الموضع”.
كما فزعت من حادثة شق الجنب، حيث جائها ولدها مفزوعاً بعدما كان يلعب مع النبي خلف المنزل وقال لها كما حكت ذلك وقالت أنه قال (أدركا أخي القرشي جاءه رجلان فأضجعاه وشقا بطنه، فخرجنا نشتد فانتهينا إليه وهو قائم منتقع لونه فاعتنقه أبوه واعتنقته، ثم قلنا: مالك أي بني؟ قال: أتاني رجلان عليهما ثياب بيض فاضجعاني ثم شقا بطني, فوالله ما أدري ما صنعا قالت: فاحتملناه ورجعنا به قالت: يقول أبوه: يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب فانطلقي فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف”
قالت: فرجعنا به، فقالت: ما يردكما به فقد كنتما حريصين عليه؟ قالت: فقلت: لا والله أن كفلناه وأدينا الحق الذي يجب علينا ثم تخوفنا الأحداث عليه، فقلنا: يكون في أهله فقالت أمه: والله ما ذاك بكما فأخبراني خبركما وخبره, فوالله ما زالت بنا حتى أخبرناها خبره قالت: فتخوفتما عليه، كلا والله إن لابني هذا شأنًا ألا أخبركما عنه؟ إني حملت به فلم أحمل حملاً قط كان أخف عليَّ ولا أعظم بركة منه, ثم رأيت نورًا كأنه شهاب خرج مني حين وضعته أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى, ثم وضعته فما وقع كما يقع الصبيان، وقع واضعًا يده بالأرض رافعًا رأسه إلى السماء، دعاه والحقا بشأنكما”.
وقدمت السيدة حليمة إلي مكة بعد نزول الوحي بالرسول صلي الله عليه وسلم مع زوجها وأسلما.
ورؤيت مع الرسول أكثر من مرة منها مرة علي مرأي الصحابة، حيث قال أبي الطفيل أن النبي كان بالجعرانة يقسم لحمًا فأقبلت امرأة بدوية، فلما دنت من النبي بسط لها رداءه فجلست عليه، فقلت: من هذه؟ قالوا: هذه أمه التي أرضعته.
وقال ابن سعد في الطبقات: قدمت حليمة بنت عبد الله على رسول الله مكة وقد تزوج خديجة، فتشكت جدب البلاد وهلاك الماشية فكلم رسول الله خديجة فيها، فأعطتها أربعين شاة.
وتوفيت حليمة السعدية بعد العام الثامن من الهجرة بالمدينة المنورة، ودفنت بالبقيع حسبما يروي.