فابيان .. من الانغماس في الملذات لمداواة المرضى بفضل الاسلام

“أنار لها طريقها للهداية فكرهت رفاهيتها المحرمة” هذه هي كل قصة “فابيان” عارضة الأزياء الفرنسية التي تخلت عن الشهرة والأضواء في ريعان شبابها وأوج شهرتها حتي تعتنق الاسلام.
وفابيان هي عارضة أزياء فرنسية شهيرة، أنار الله طريقها وهي في الثامنة والعشرين من عمرها، وحينما رأت طريقها اعتزلت الحياة العامة وتركت عالمها وانسحبت إلي أفغانستان لتعمل في تمريض الجرحي في ظروف صحية وبيئية وأمنية صعبة للغاية.
وعن قصة إسلامها تقول فابيان، “لولا فضل الله عليَّ ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر فيه الإنسان ليصبح مجرد حيوان كل همه إشباع رغباته وغرائزه بلا قيم ولا مبادئ”.
وعن طفولتها وأحلامها تقول فابيان “منذ طفولتي كنت أحلم دائمًا بأن أكون ممرضة متطوعة، أعمل على تخفيف الآلام للأطفال المرضى، ومع الأيام كبرت، ولَفَتُّ الأنظار بجمالي ورشاقتي، وحرَّضني الجميع -بما فيهم أهلي- على التخلي عن حلم طفولتي، واستغلال جمالي في عمل يدرُّ عليَّ الربح المادي الكثير والشهرة والأضواء، وكل ما يمكن أن تحلم به أية مراهقة، وتفعل المستحيل من أجل الوصول إليه”.
وتضيف “وكان الطريق أمامي سهلاً -أو هكذا بدا لي-، فسرعان ما عرفت طعم الشهرة، وغمرتني الهدايا الثمينة التي لم أكن أحلم باقتنائها، ولكن كان الثمن غاليًا.. فكان يجب عليَّ أولاً أن أتجرد من إنسانيتي، وكان شرط النجاح والتألّق أن أفقد حساسيتي وشعوري، وأتخلى عن حيائي الذي تربيت عليه، وأفقد ذكائي ولا أحاول فهم أي شيء غير حركات جسدي، وإيقاعات الموسيقى! كما كان عليَّ أن أُحرم من جميع المأكولات اللذيذة، وأعيش على الفيتامينات الكيميائية والمقويات والمنشطات، وقبل كل ذلك أن أفقد مشاعري تجاه البشر.. لا أكره.. لا أحب.. لا أرفض أي شيء”.
وعن بيوت الأزياء ومهنتها تقول “إن بيوت الأزياء جعلت مني صنمًا متحركًا مهمته العبث بالقلوب والعقول.. فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة فارغة من الداخل، لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس، فكنت جمادًا يتحرك ويبتسم ولكنه لا يشعر، ولم أكن وحدي المطالبة بذلك، بل كلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم البارد.. أما إذا خالفت أيًّا من تعاليم الأزياء فتُعرَّض نفسها لألوان العقوبات التي يدخل فيها الأذى النفسي، والجسماني أيضًا!”
“وعشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة بكل ما فيها من تبرج وغرور ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل أو حياء”.
وقالت فابيان في حديثها لإحدي المجلات العربية “لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ -إلا من الهواء والقسوة- بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصيًّا واحترامهم لما أرتديه، كما كنت أسير وأتحرك.. وفي كل إيقاعاتي كانت تصاحبني كلمة (لو).. وقد علمت بعد إسلامي أن لو تفتح عمل الشيطان.. وقد كان ذلك صحيحًا، فكنا نحيا في عالم الرذيلة بكل أبعادها، والويل لمن تعرض عليها وتحاول الاكتفاء بعملها فقط”.
وعن بدء تفكيرها في الاسلام وقالت “كان ذلك أثناء رحلة لنا في بيروت المحطمة، حيث رأيت كيف يبني الناس هناك الفنادق والمنازل تحت قسوة المدافع، وشاهدت بعيني مستشفى للأطفال في بيروت، ولم أكن وحدي بل كان معي زميلاتي من أصنام البشر، وقد اكتفين بالنظر بلا مبالاة كعادتهن.
ولم أتمكن من مجاراتهن في ذلك.. فقد انقشعت عن عيني في تلك اللحظة غُلالة الشهرة والمجد والحياة الزائفة التي كنت أعيشها، واندفعت نحو أشلاء الأطفال في محاولة لإنقاذ من بقي منهم على قيد الحياة. ولم أعد إلى رفاقي في الفندق حيث تنتظرني الأضواء، وبدأت رحلتي نحو الإنسانية حتى وصلت إلى طريق النور وهو الإسلام”.
“وتركت بيروت وذهبت إلى باكستان، وعند الحدود الأفغانية عشت الحياة الحقيقية، وتعلمت كيف أكون إنسانة. وقد مضى على وجودي هنا ثمانية أشهر قمتُ بالمعاونة في رعاية الأسر التي تعاني من دمار الحروب، وأحببت الحياة معهم، فأحسنوا معاملتي. وزاد قناعتي في الإسلام دينًا ودستورًا للحياة من خلال معايشتي له، وحياتي مع الأسر الأفغانية والباكستانية وأسلوبهم الملتزم في حياتهم اليومية، ثم بدأت في تعلم اللغة العربية، فهي لغة القرآن، وقد أحرزت في ذلك تقدمًا ملموسًا. وبعد أن كنت أستمد نظام حياتي من صانعي الموضة في العلم، أصبحت حياتي تسير تبعًا لمبادئ الإسلام وروحانياته.”
وكشفت “فابيان” عن تعرضها لضغوط دنيوية عديدة من شركات الأزياء والموضة للعودة إلي عروض الأزياء مرة أخري، حيث ضاعفوا مرتبها ثلاثة أضعاف، فرفضت العودة فقاموا بإرسال هدايا غالية الثمن وقيمة في سبيل ارتدادها عن الاسلام ولكنها رفضت كذلك.
وحاولت تلك الشركات بعد ذلك تشويه صورتها أمام الأفغانيين فقاموا بعرض صورها علي أغلفة المجلات التي كانت تعرض فيها الأزياء وهي متبرجة، في محاولة منهم لكشف ماضيها ولكن الأفغان رفضوا أن يهينوها لماضيها.
وفي حوار لها تقول “فابيان”، أنها ما كانت تتخيل أن اليد التي تصورت أنها صنعت للتجميل والاهتمام والتنعيم، كتب عليها أن تعمل في إنقاذ حياة البشر وتخفيف ألمهم.