القرآن الكريم

لم يكن القرآن بلغة قريش فحسب … قبيلة جرهم – اليمن –

 

قبيلة جرهم1
لقد أخذ علي أننى لا أتصدى التعريف بالقبيلة قبل البدء في شرح مفرداتها ومعلوم أن هذا التعريف الذي يريده هؤلاء الفضلاء يتعلق ، ما في ذلك من شك ، أولا بجغرافية القبيلة – موقعها – مناخها – سكانها – مواردها تضاريس أرضها الى آخر ما يدرسه الجغرافيون ، ثانيا : بتاريخ القبيلة ، نشأتها ، أصل سكانها ، من تعاقب عليها من الحكام والملوك ، حروبها ، ايامها ، وعظماؤها الى آخر ما يهتم به عادة المؤرخون ، ولو شئنا أن نتتبع هذا أو نفصل القول فيه كما أراد هؤلاء الفضلاء لتجاوزنا القصد بكثير ولخرج البحث المتواضع من دراسة لغة القرآن الى فصول مفصلة عن القبائل العربية وتاريخها، ولكننا نزولا عند رغبة اخواننا سنأتى عند الحديث عن كل قبيلة بالمصادر التى يمكن الرجوع إليها لمعرفة المطلوب وسنثبت ذلك فى الطرة كما فعلت اليوم.
لقد شرف القرآن قبيلة جرهم فاستعمل من مفرداتها 22 لفظة ، وزعت فى الكتاب العزيز على الشكل الآتي:
1.    لفظة “باءوا” في الآية 61 من سورة البقرة ومعناها استوجبوا ، وقد كررها الحق سبحانه وتعالى في الآية 90 من نفس السورة حيث قال ( فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين ) كما ورددت بنفس الصيغة في سورة آل عمران الآية 112 ، وفي قصة بني آدم 29 في
آل عمران الآية 162 وفي الأنفال الآية 16 على صيغة “باء” ويفسرها المفسرون على أن معناها ( رجعوا ) وهكذا شرحها ايضا اسماعيل بن حماد الجوهري في مادة بوا آخذا عن الأخفش ، اما الزمخشري فيفسرها بقوله2  باء فلان بفلان إذا كان حقيقا أن يقتل به لسماواته له ومكافأته ، اي صاروا احقاء بغضبه ، وهو تفسير لطيف ، طريف ، يعادل في مضمونه العام ما ذهب إليه غيره ، والجدير بالذكر ان الامام الزمخشري ما زاد هنا على ما ذهب إليه اللغويون في هذه المادة ، ومنهم ابو زيد الذي قال : باء الرجل بصاحبه : اذا قتل به ، ومن المثل العربي المشهور : باءت عرار بكحل ، وهما يقرنان انتطحتا فقتلت احداهما بالأخرى.

2.    مفردة “شقاق” ومعناها ضلال بلغة جرهم وتوجد فى سورة البقرة الآية 176 ، كما توجد بنفس المعنى في نفس هذه السورة ، الآية 137 ، وفي الحج ، الآية 53 ، ويس ، الآية 2 ، وفي فصلت ، الآية 53.

3.    لفظة “خير” في الآية 180 التى يقول فيها الحق سبحانه وتعالى ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين ) وتوجد في  سورة البقرة ومعناها بلغة جرهم “المال” ولعله المال الكثير ، وقد فسرها بهذا المعنى كل من ابن عباس رضي الله عنه ، ومجاهد – ويؤيد هذا المعنى ما اخرجه البيهقي وجماعة عروة ان عليا كرم الله وجها دخل على مولى له فى الموت وله سبعمائة  درهم3 او ستمائة درهم فقال : الا اوصي قال : لا انما قال الله تعالى : ( ان ترك خيرا ) وليس لك كثير مال ، فدع مالك لورثتك4 كما ان عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها ترى ان لفظة خيرا في هذه الآية تدل على المال الكثير.
ووردت هذه اللفظة بهذا المعنى ايضا في سورة الكهف فى الآية 90 التى يقول الحق سبحانه وتعالى فيها ( قل ما مكنى فيه ربي خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ) وفي سورة النور الآية 32 وفيها يقول عز وجل ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ايمانكم ، فكاتبوهم ، ان علمتم فيهم خيرا ، واوتوهم من مال الله الذى آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردن تحسنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ، ومن يكرهن فان الله من بعد اكراههن غفور رحيم )
ومن رواية سلمان5 يفهم ان يخرا هذه الواردة في الآية الشريفة معناها المال ، لما قال لمملوكه الذي ابتغي ان يكاتبه : ( أعندك مال؟ ) قال : ( لا ) قال : أتمرنى ان آكل غسالة ايدي الناس !؟

4.    لفظة “داب” في قوله تعالى : ( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب ) الآية 11 من سورة آل عمران ومعناها بهذه اللغة كاشباه آل فرعون ولقد وردت هذه اللفظة مقرونة بآل فرعون ثلاث مرات فى القرآن الكريم : الاولى في سورة آل عمران وهي التى نتحدث عنها والثانية والثالثة في سورة الانفال الآيتين 52 و 54 وقد وردت مقرونة بقوم نوح ، فى قوله تعالى في سورة غافر ( مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ) الآية 31.

5.    كلمة : ( الا تعولوا ) الآية 3 من سورة النساء ومعناها بلغة جرهم تميلوا وهي من ذوات الواو اذ لا شك انها من عال يعول كقال يقول . وان كان ابن منظور اوردها فى مادة عيل ، واستشهد ببيت ابي طالب الذي يقول فيه :
بميزان صدق لا يفل شغيرة
له شاهد من نفسه غير عائل
لكان صاحب تاج اللغة وصحاح العربية اوردها في مادة عول واستشهد بنفس البيت وعزز ذلك ببيت آخر من الشعر يقول صاحبه :
قالو اتبعونا رسول الله واطرحوا
قول الرسول وعالوا فى الموازين
ويقول مجاهد فى تفسيره لقوله تعالى : ( ذلك ادنى ألا تعولوا ) لا تميلوا ولا تجوروا .
وقد روت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الا تعولوا : الا تجوروا ) هذا هو مذهب حل محققينا رضي الله عنهم.
اما الشافعي رحمه الله فقد رأي شيئا آخر اذ فسر ( ان لا تعولوا ) بـ ( ان لا تكثر اعيالكم ) وجعله من عال عياله يعولهم عولا وعيالة اي قاتهم وانفق عليهم.
ولقد عشت – عفا الله عنى – زمنا طويلا على ظن ان الامام الشافعي رضي الله عنه لم يصادف الصواب في تفسيره لهذه الكلمة حتى اطلعت على حجتين جعلتاني لا اري عيبا فيما ذهب اليه ك اولاهما : قراءة طاوس رضي الله عنه وكان يتعلق بها : ( ان لا تعيلوا ) وثانيهما : تعليل الزمخشري رحمه الله لراي الامام الشافعي رضي الله عنه حين قال6 ان الغرض بالتزوج التوالد والتناسل بخلاف التسري ولذلك جاز العزل عن الراري بغير اذنهن ، فكان التسري مظنة لقلة الولد بالاضافة الى التزوج لتزوج الواحدة بالإضافة الى تزوج الاربع.

6.    لفظة “يغنوا” الكائنة في سورة الاعراف الآية 92 والتى يقول فيها الحق سبحانه وتعالى : ( الذي كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) ومعناها بلغة جرهم : (يتمتعوا ) كما توجد بنفس الصيغة في الآية 68 من سورة هود وفي الآية 95 من السورة نفسها . ولا شك ان لفظة ” تفن ” في الآية : ( فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس ) الآية 24 من سورة يونس هي من نفس المادة ولها المعنى الذى تحدثنا عنه أعلاه.

7.    “اساطير” الكائنة في الآية 31 من سورة الانفال التى يقول فيها الحق سبحانه : ( واذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ، ان هذا الا اساطير الاولين ) .
يرى العلامة ابو القاسم بن سلام ان هذه المفردة من قبيلة جرهم ، وقد اعتمدنا على رأيه فأثبتناها هنا وان كنا نشك شكا يكاد يكون قطيعا انها من غير لغة جرهم اصالة ، ولكنه من الجائر جدا انها دخلت هذه اللهجة في وقت مبكر وانها تسربت الى اللهجات عن طريق لغة جرهم يوم كان افراد هذه القبيلة يحكمون الحجاز كلها ابتداء من استلاء الحارث ابن مضاض على مكة7 الى ان طردتهم عنها خزاعة8 . فمن اية لغة دخلت جرهم ؟
توحي النظرة الخاطفة على كثب المفسرين انها من لغة فارس ذلك ان جل مفسري هذه الآية الشريفة يثبتون ان قائل : ( لو نشاء لقلنا مثل هذا ) هو النضر بن الحارث9 وان كان بعضهم اضاف الى من قتلوا صبرا يوم بدر مع النضر هذا ، عقبة بن مطيع وطعيمة بن معدى10 لكف الذي اثبت بشكل قطعي ان النضر بن الحرث اخذته العزة بالاثم حين سماعه اقتصاص الله احاديث القرون الغابرة في بيان ناصع وجمال لا يوصف ، فقال قولته المذكورة.
هذا وقد سبق له ان زار بلاد فارس وحمل معه نسخة من حديث رستم واسفنديار11 ، وبما ان هذه النسخة مكتوبة باللغة الفارسية وبما ان النضر بن الحارث كان ( له اطلاع على كتب الفرس وغيرها ) وبما انه اول من غنى على العود بالحان الفرس12 فقد نتوهم ان لفظة “اساطير” فارسية اتت على لسان من تعود الحديث بها . لكن الأمر على عكس ذلك وسنوضحه بعد قليل.
بقي الآن ان نشير الى ان النضر بن الحارث لا ينسب الى قبيلة جرهم ، ولا الى اي بطن منها، وانما هو من عبد مناف ، من بنى عبد الدار ، من قريش13 وهذه حجة اخرى على ان لفظة اساطير خرجت عن نطاق قبيلة جرهم قبل نزول القرآن الكريم لان شيطان قريش14 النضر بن الحارث الذي هو من شجعان قريش ، ووجوها نطق بها وهو منافي ولا شك انها انتشرت انتشارا واسعا بمساعدة المشركين والمنافقين الذين ما كانوا ليتركوا الفرصة تمر دون ان يحاربوا صاحب الرسالة الطاهرة التى نغصت عليهم العيش ، وزلزلت الارض من تحت اقدامهم ، وسفهت آرائهم ، واهانت اصنامهم ، واطاحت بعوائدهم وخرافاتهم .
كل هذا – سامحني الله – ولم اجب بعد عن السؤال الذي طرحته اعلاه ، فمن اية لغة اذا ، هذه اللفظة اساطير ؟ :
وابادر فاقول دون ان آتى بالمقمدمات انها من اللغة اليونانية وينطقون بها Istoria وتكتب iGTOPia وهي الحكاية . ونحن بكل صراحة نشعر حين نتصفح كتب اللغة من المطولات ، بأنها فى حيرة من امرها حين تريد شرح هذه اللفظة . فاسماعيل ابن  حماد لجوهري مثلا ، اثبتها فى مادة ( سطر 15 ) فالظن اذن ان الهمزة في اول الكلام زائدة ، لأنه يقول الواحدة اسطورة بالضم ويثبتها تحت مادة سطر ، وكان عليه ، ان كانت الهمزة اصلية ، ان يثبتها في حرف الراء ، فصل الهمزة ، كما فعل المنجد فى اللغة والاداب والعلوم ( A. De Biberstein Kazimirsk )17 وغيرهما كثير.
غير ان شيئا اتى به الجوهري يثير الانتباه ، ذلك انه قال18 : ( واسطارة بالكسر ) فنحن حين نمزج بين الوجهين : اسطورة بضم الهمزة ، ومد الطاء بالضم مع ( اسطورة ) بكسر الهمزة ومد الطاء بالفتحة ، نجد اللفظة اليونانية وهي ( اسطورة ) بكسر الهمزة ومد الطاء بالضم ، وان كل هذا الوجه لم ينص عليه اي مصنف فى اللغة ، وليس غريب ان ينعدم هذا الوجه ، ذلك ان اللغة العربية ، او بالاحرى الناطقين بها يحاربون مثل هذا النطق ( اسطورة ) بكسر فسكون فضم ، ويسعون دائما الى ما يطلق عليه :L’harmonisation vocalique  التجانس الصوتي ، والجناس الصوتي هنا هو ضم الهمزة والطاء معا ، وكسر الهمزة وفتح الطاء ليس من الجناس في شيء ، كسر الهمزة وضم الطاء ، وهذا هو سر ابتعادهم عن الاصل اليوناني ، اذ التعريب ، وهو اخضاع اللفطة الاجنبية الى قاموس اللغة العربية واشتقاقاتها . وواضح انهم لم يقولوا في جمعها اساطير ، بفتح الهمزة ، ومد السين بالفتح ، ومد الطاء بالكسر ، الا ان قواعد اللغة العربية الاصيلة تطلب ذلك ، ولا تعوز الامثلة من ارادها.

8.    لفظة “شرد” الآية 57 من سورة الانفال ، ومعناها بلغة جرهم ” نكل” وهي عند جمهور القراء بدال مهملة اما ابن مسعود رضي الله عنه فقد قراها “فشرد”19 بدال معجمة ومعناها فرق باللغة العربية ، وهي قوله تعالى : فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم ولعلهم يذكرون ).

9.    لفظة “تحسبن” الآية 59 من سورة الانفال – هي قريشية حين يكسر سينها لكنها من لهجة جرهم حين يفتح سينها ومعناها واضح . وقد تكررت فى القرآن مرارا . واختلف كثيرا فى قراءتها فابن مسعود20 رضي الله عنه يقرأها :  لا يحسب الذين كفروا انهم سبقوا ) كما يقرأها :  لا يحسب الذين كفروا انهم سبقوا ) يقرأه بالياء وبفتح السين ( لا يحسب الذين كفروا انهم سبقوا ) يقرأها بالياء وفتح السين معا . كما يقرأها الربيع بن خطيم21 ( يحسب ، ويحسبن ) بالياء وبالفتح فيهما معا ، اما الاعمش22 فيقرأها على الشكل الآتى:  (يحسب) بالياء وبكسر الباء . واضاف الزمخشري23 معللا ذلك :  وبفتحهما على حذف النون الخفيفة ، كما قرأها الاعمش أيضا ( يحسين ) بالياء وبفتح السين .

10.    لفظة “ارذالنا” الآية 28 من سورة هود التى يقول الحق سبحانه وتعالى فيها  فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم ارذالنا بادء الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين )

11.    مفردة “عصيب” الآية 77 من سورة هود ، ومعناها بلغة جرهم شديد.

12.    “مقطوع” في قوله تعالى :  وقضينا اليه الأمر ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) الآية 66 من سورة الحجر ومعناها مستأصل .

13.    لفظة “محسورا” في قوله تعالى : ( ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) الآية 29 من سورة الاسراء . ومعناها بلغة جرهم المنقطع .
وفي الآية الشريفة حكمة بالغة لا تخفي على احد ، والعمل الذي قام به الرسول العربي العظيم صلوات الله وسلامه عليه ، والذي كان سببا في نزول هذه الآية لا يستطيع اي مخلوق القيام به ، وصلت الرحمة به ما وصلت وبلغ الحنان به ما بلغ .

14.    كلمتا “حدب ينسلون” في الآية 96 من سورة الانبياء . اما لفظة “حدب” فمعناها بلغة جرهم جانب ، واما ينسلون فمعناها بهذه اللغة يخرجون .
يُفسر الزمخشري “حدب” بقوله24 ( النشز من الارض ) وهي في الصحاح ما ارتفع من الارض ، والجمع الحداب ثم يورد الآية الشريفة اعلاه ، واعتقد ان معنى الآية الشريفة الاجمالي يستقيم لما للفظة من معنى في لغة جرهم ، وهو المعنى المعروف الا فى العبارة  من كل حدب وصوب )
قرأ ابن عباس رضي الله عنه ( من كل حدب ينسلون ) من كل حدث ينسلون25 وعلق الزمخشري على هذه القراءة بقوله26 : ( وهو القبر الثاء حجازية والفاء تميمية ) .
ولا ادري فائدة هذا التعليق لأننى ، لم اعثر حتى الآن على قارىء قرا حدب ( حدف ) : بالفاء وقراها جدث ايضا ابن مسعود27 رحمه الله ومجاهد28 والجحدري29 .

15.    مفردة “الودق” المذكورة مرتين في القرآن ، مرة في سورة النور الآية 34 وهي ( الم تر ان الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله ، وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالابصار ) ومن ثانية في سورة الروم الآية 48 وهي :  الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كفا فترى الودق يخرج من خلاله ، فإذا اصاب به من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون ) ومعنى الودق بلغة جرهم المطر .

16.    مفردة “شرذمة” في الآية 54 من سورة الشعراء : ( ان هؤلاء لشرذمة قليلون ) ومعناها بلغة جرهم عصابة ، ولا شك انها العصابة القليلة العدد ، وقد نص الحق سبحانه وتعالى على ذلك حين وصفها بـ : ( قليلون ) فجعل الشرذمة احزابا قليلة العدد والله اعلم .

17.    لفظة “ربع” في الآية 128 من سورة الشعراء : ( اتبنون بكل ربع آية تعبثون ) ومعناها بلغة جرهم الطريق ، ولا شك انه صار يختص بالمكان المرتفع من الطريق بعد ان خرج من قبيلة جرهم وعم استعماله فى سائر القبائل . ولقد استعمله بهذا المعنى الاخير الشاعر المسيب بن علس وهو من ربيعة ابن نزار بطن ينسب الى عدنان ، بينما جرهم من قحطان قال هذا الشاعر :
ففي الال يرفعها ويخفضها
ربـع بـلوح كــأنه سحــل
وفي هذا دليل على ان المفردة عم استعمالها في قبائل العرب قبل ان ينزل القرآن الكريم .
والجدير بالذكر ان هذه المفردة ذكرت في كتاب الله العزيز مرة واحدة .

18.    لفظة ” الشوب” في قوله تعالى : ( ثم ان لهم عليها لشوبا من حميم ) الآية 68 من سورة الصافات . ومعناها بهذه اللغة المرج . ومن القراء من يقرؤها بضم الشين ، ولم يذكر القرآن هذه المفردة إلا مرة واحدة .

19.    مفردة “القطر” المذكورة مرتين في القرآن مرة في سورة سبأ الآية 12 ( ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر واسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه باذن ربه ومن يزغ منهم عن امرنا نذقه من عذاب السعير ) والثانية في سورة الكهف الآية 96 ( آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني افرغ عليه قطرا ) ومعنى القطر بلغة جرهم النحاس .

20.    كلمة “جبار” الآية 45 من سورة ق ( نحن اعمل بما يقولون وما انت عليهم بجبار ، فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) ومعناها في هذه الآية مسلط بلغة جرهم .

21.    لفظة “الانام” الكائنة فى الآية 10 من سورة الرحمن ومعناها بلغة جرهم الخلق وقد وردت مرة واحدة فى القرآن الكريم.

22.    مفردة “استغشوا” في الآية 7 ( وانى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم فى اذانهم واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا ” سورة نوح ، ومعناها بلغة جرهم ( تغطوا ) وهي مفردة ذكرت مرارا فى القرآن الكريم .
هذه هي الفاظ لغة جرهم الواردة في كتاب الله العزيز ، ارجو ان اكون قد وفقت احصائها وتبياناها للناس ، وعسي ان اكون قد وفقت فى احصائها وتبيانها للناس ، وعسي ان يزودني السادة الفضلاء الذين لاحظوا اخلالا في التفسير او تقصيرا في التوضيح بنصائحهم ولهم الشكر الجزيل .
وانى لا ادعى انه لا يوجد فى القرآن الكريم من الالفاظ الجرهمية ، إذا صح هذا التعبير ، الا هذه ، فهذا امر لا يمكن ان يخطر على بال عاقل ، وانما اريد ان اقول ان حجة تكاد تكون قطعية توجد بين ايدينا ، على ان هذه الالفاظ جرهمية قبل كل شيء . ولا ادعى ، وما كنت لاستطيع ، اننى هكذا اقول الكلمة الاخيرة في هذا الموضوع ، وانما ارجو ان اكون ، بكل تواضع ، وضعت لبنة صغيرة في عمل آمل ان يكون شامخا ، راسيا على قواعد متينة تتضافر على تشييده جهود علمائنا المخلصين .
والاهتمام باللهجات العربية سواء الواردة في القرآن او في غيره شيء ضروري ، وقد حان الوقت لتوجيه الهمم اليه ، فعسى الله ان يعين على ذلك .

 

[divider style=”dotted” top=”20″ bottom=”20″]

1- أ- الصحاح : الجزء الخامس آخر صفحة 1886
ب- الاعلام : الجزء الثاني صفحة 110 وانظر المصادر الموجودة في هذه الصفحة.
2- الكشاف صفحة 72 من الجزء الأول طبعة القاهرة 1345.
3- والملاحظ ان الزمخشري الذي اعتمد ايضا على هذا الحديث ليفسر لفظة “خيرا” بالمال الكثير لم يميز العدد ( سبعمائة ) باي نوع من المال . الكشاف الجزء الاول الصفحة 112.
4- ( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) لشهاب الدين السيد محمد الالوسي البغدادي الجزء الثاني من صفحة 52 الطبعة الثانية بمصر دون تعيين زمنها.
5- الكشاف الجزء الثالث صفحة 75.
6- الكشاف الجزء الاول صفحة 245 .
7- انظر المسعودي الجزء الثالث من صفحة 99 الى 103 من طبعة باريس مالقلقشندي صفحة 178 .
8- الاعلام لخير الدين الزركلي الجزء الثاني صفحة 11 من الطبعة الثانية .
9- الكشاف الجزء الثاني صفحة 124 .
10- انظر مثلا : ( لباب النقول في اسباب النزول ) لجلال الدين الاسيوطي طبعة القاهرة بدون تاريخ صفحة 196 من الجزء الاول.
11- الكشاف نفس الجزء ونفس الصفحة : الجزء الثاني صفحة 124 .
12- الاعلام لخير الدين الزركلي الجزء الثامن صفحة 357 الطبعة الثانية .
13- المصدر السابق نفس الصفحة  .
14- العبارة لاين اسحاق .
15- الصحاح الجزء الثاني صفحة 284 .
16- المطبعة الكاثوليكية ببيروت سنة 1956
17- الجزء الاول طبعة 196 .
18- الصحاح الجزء الثاني صفحة 284.
19- الكشاف صفحة 132 من الجزء الثاني و Arthur Jeffery في كتابه
20- A. Jeffery نفس المرجع والصفحة اعلاه . وان كان الزمخشري لم يوضح بالضبط قراءة ابن مسعود في كشافه.
21- A. Jeffery صفحة 289 .
22- المرجع السابق صفحة 318 .
23- الكشاف الجزء الثاني صفحة 132 .
24- الكشاف الجزء الثالث صفحة 21
25- صفحة 18 من الجزء الاول
26- نفس المرجع ونفس الصفحة اعلاه
27- A. Jeffery والكشاف الصفحة المذكورة اعلاه .
28- A. Jeffery صفحة 62
29- نفس المصدر صفحة 201

اكادير – الراجي التهامي الهاشمي – مجلة دعوة حق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لا نستخدم اعلانات مزعجة ، لطفاً يرجى تعطيل مانع الاعلانات ظهور الاعلانات يساعد موقعنا على الاستمرار وتغطية التكاليف