القرآن الكريم

لم يكن القرآن بلغة قريش فحسب … (قبيلة هذيل)

قبيلة هذيل
وأول قبيلة حظيت بقسط وافر من المفردات في القرآن هي هذيل، وقد أحصيت لها 46 لفظة يقول المهتمون بهذه الدراسات إنها من لهجة هذيل، وزعت في القرآن على الشكل الآتي:
1. «بئسما اشتروا»: معناها باعوا بلغة هذيل وتوجد في سورة البقرة الآية 90.
2. «لاعنتكم» الموجودة في سورة البقرة الآية 200 ومعناها الإثم.
ويخيل إلي أن أول من شرح هذا اللفظة بهذا المعنى هو المنذري، روى عنه هذا أبو الهيتم. حين قال:
«ألعنت في كلام العرب الجور ثم فقلت له التعنت من هذا؟ قال نعم»
واعتقد أن هذا المعنى يوافق ما جاء في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: « الباغون البراء ألعنت» ومعلوم أن جميع الكلمات المشتقة من العنت هي كذلك من لهجة هذه القبيلة التي نتحدث عنها، هكذا يوجد بآل عمران « وما عنتم» الآية 118، أما بالنساء فنقرأ بالآية 25 «وألعنت منكم» وبالتوبة «وما عنتم» ونتلو بالحجرات «ولعنتم» وكلها بالمعنى الذي ذكرنا.
3. «عزموا الطلاق» ومعناه حققوه- سورة البقرة الآية 217.
4. لفظة «صلوا» الكائنة في سورة البقرة الآية 264 ومعناها نقيا
5. قوله «إناء» الليل- سورة آل عمران الآية 113 ومعناها ساعات.
6. كلمة « فورهم» بسورة آل عمران الآية 125، ومعناها حالا، وعكسها التراخي كما قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله” «الأمر على الفور لا على التراخي» ويرى الزمخشري «1» أنها مشتقة من «فارت القدر، إذا غلت».
ويرى فقهاء اللغة أن هذه المفردة هي أيضا لهجة قيس عيلان وكنانة.
7. مراغما. سورة النساء الآية 100 ومعناها مهاجرا، وطريقا يراغم بسلوكه قومه ولا شك أن كل مشتقاتها من لهجة هذيل. ك « على رغم أنوفهم» والرغم الذي بمعنى الذل.
وراغمت الرجل إذا فارقته وهو يكره هذا الفراق.
ويرى الزمخشري«2»: « وأصله لصوق الأنف بالرغام وهو التراب».
8. قوله عز وجل: « وجعلكم ملوكا» سورة المائدة الآية 20. نلاحظ هنا أن المفسرين اختلفوا في معناها. أما الإمامان محمد ابن احمد المحلي وأبو بكر السيوطي فيريان أنها بمعنى أحرار. أما الزمخشري فبعد أن يأتي في شرح الكلمة يقول: « ملكهم بعد فرعون ملكه» ثم يذكر ما ذهب إليه الشراح في هذا الصدد فيقول «3» وقيل كانوا مملوكين في أيدي القبط فأنقذهم الله، فسمى إنقاذهم ملكا، وقيل: الملك من له مسكن واسع فيه ماء جار. وقيل من له بيت وخدم وقيل من له مال لا يحتاج معه إلى تكلف الأعمال وتحمل المشاق.
9. قوله عز وجل: « وما مسني السوء» سورة الأعراف الآية 188 ومعناها الجنون.
ولقد جاءت بنفس هذا المعنى في سورة هود «بعض ألهتنا بسوء».
10. لفظة «فرقانا» الموجودة في سورة الأنفال الآية 29 «يا أيها الذين أمنوا أن تتقوا
الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم.
11. قوله: « خرض» في الآية 64 من سورة الانفال، وقد جاءت في هذه اللغة بمعنى حض.
12. «وليجة» في سورة الأنفال الآية 16 ومعناها بطانة وأولياء.
13. «عيلة» سورة التوبة الآية 28 ومعناها الفاقة ونطق بها بعض القراء بالهمز بمعنى المصدر كالعافية.
14. أنفروا « الكائنة في سورة التوبة» الآية 38 وجميع الكلمات التي تشتق منها كـ « ألا تنفروا» في نفس السورة الآية 39.
15. « السائحون» التي بمعنى الصائمون الموجودة في سورة التوبة الآية 112.
16. «غمة» في سورة يونس الآية 71 ومعناها في هذه اللهجة التي نتحدث عنها شبهة.
17. قوله جلت قدرته في سورة يونس الآية 92 التي يقول فيها لفرعون اللعين، يوم غرقه في البحر: « فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون».
فلفظة بدنك الواردة في هذه الآية الشريفة هي من هذيل ومعناها الدرع. ولقد قرأها أبو حنيفة بإبدانك يريد بدروعك. وعندنا شاهد آخر من الشعر العربي يظهر أن لفظة بدن بقيت تحمل معنى الدرع زمنا ليس بالقصير وكانت معروفة متداولة بين الناس
أعادل شكتي بدني وسيفي وكل مقلص سلس القياد
ويحكي لنا الرواة تعقيبا على هذا البيت أن هذا الشاعر كان يملك درعا من ذهب وهو هنا يفتخر به وبسيفه وبفرسه المكتنز اللحم.
18. «حصيد» ولها معنيان، أولاهما «منحدر من الأرض» بلهجة العمالقة، وثانيهما « ما سوى من الأرض» بلهجة قبيلتنا هذه التي نتحدث عنها وتوجد هذه اللفظة في سورة هود الآية 100.
19. لفظة «ظل» الموجودة في سورة النحل الآية 58 ومعناها صار ورغم أن في الآية إشارة إلى القبيلتين خزاعة وكنانة اللتان كانتا تقولان أن الملائكة بنات الله: «ويجعلون لله البنات سبحانه، ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم» فإن هذه المفردة هذلية لا جدال فيها، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المعنى الإجمالي للآية لا يستقيم إذا اعتبرنا ظل بالمعنى المعروف المتداول بيننا الآن في لغتنا.
ولقد خبط الذين تعرضوا لهذه الآية بالشرح خبط عشواء لم يخرجوا إلا بالتأويلات البعيدة.
أما الزمخشري، وهو اللغوي المحنك فقد غاص مع المفردة إلى الأعماق وقال في شرحها: «ظل بمعنى صار».
لكن العلامة أحمد بن المنير رد عليه في كتابه المسمى بالانتصاف بما لا يمكن أن يقوم حجة ضد ما ذهب إليه جار الله، تلك المعنى التي أثبتناها أعلاه.
قال: «جاز أن يراد الظلول نهارا لقصد المبالغة في وصفهم بالعناد والإصرار وأنهم لو عرجوا نهارا في الوقت الذي لا يتغابى على البصر فيه شيء إلى السماء لتمادوا في كفرهم وتكذيبهم والله أعلم».
20. المبذرون: ومعناها المسرفون وهي موجودة في سورة الإسراء الآية 27.
21. شاكلته: وهي بمعنى ناحيته في اللهجة الهذلية وتوجد في سورة الإسراء الآية 84.
22. قوله عز وجل:« رجما بالغيب» أي ظنا في الغيبة وتوجد هذه اللفظة في سورة الكهف الآية 22.
23. قوله تبارك وتعالى: «ملتحدا» ومعناه ملجأ، وتوجد هذه المفردة بسورة الكهف أيضا الآية 27.
وقد يظن ظان أن لفظة «الكلمات» الموجودة في هذه الآية الشريفة معناها «اللفظ» واعتقد – والله اعلم- أن المقصود ب «لكلمته» هي الآيات القرءانية، وحجتنا على ذلك قوله تعالى: « وإذا بدلنا آية مكان آية» وقوله كذلك: « أيت بقرءان غير هذا أو بدله» فقال له ربه: وأتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلمته، ولن تجد من دونه ملتحدا».
24. «يرجو» الموجودة في آخر آية من سورة الكهف ورقمها 100 ومعناها يخاف بلغة هذيل.
25) “هضما” الموجودة في الآية 112 من سورة طه والتي يقول الحق سبحانه وتعالى فيها : “ومن يعمل من الصالحات وهو مومن فلا يخاف ظلما ولا هضما” والهضم الموجود في هذه الآية معناه النقص بلغة هذيل.
26) قوله “هامدة” معناها بهذه اللغة مغيرة. وهي لفظة موجودة في سورة الحج الآية 5 – وفيها حكاية دقيقة ورائعة للبعث إذ الأٍرض يومئذ يابسة مغبرة.
27) قوله “واقصد في مشيك” معناها بهذه اللغة أسرع. وهي في الآية 18 من سورة لقمان ويخيل إلى أن معناها قد تطور لما عم استعمالها في اللغة العربية الفصيحة، فحادت قليلا عن معناها الأصيل. ولا ريب أن معناها صار : “اقتصد في المشي” أي كن وسطا في مشيك لا تدب دبيب المتكاسلين ولا تجر جري المفتونين الشطارين، لأن ذلك يذهب ببهاء المؤمن ويزيل عنه السكينة والوقار.
وفي الحديث : “القصد القصد تبلغوا”، أي عليكم بالقصد من الأمور في القول والفعل وهو الوسط بين الطرفين.
وأعتقد أن وصف عائشة أم المؤمنين لعمر رضي الله عنهما لما قالت “كان إذا مشى أسرع” يوافق هذه الآية من وجهها الذي ذهبنا إليه.
28) كلمة “ثاقب” وهي في الآية العاشرة من سورة الصافات ومعناها في لغة هذيل “مضيء” ولا شك أنها تدل في الآية على الإضاءة الشديدة.
29) قوله “الأحداث” في الآية 51 من سورة يس – وهي بمعنى القبور. ومن القراء من يبدل الثاء فاء، لأن العرب كما قال الفراء “تعقب بين الفاء والثاء في اللغة” …
30) قوله : “أواب” في الآية 19 “والطير محشورة، كل له أواب” من سورة ص ومعناه مطيع عائد إلى طاعته بالتسبيح والتهليل وكانت هذه اللفظة كثيرة الشيوع متداولة ومعروفة أيضا في لغتي كنانة وقيس عيلان، كما سيتضح ذلك بعد قليل.
وواضح من عبارة ابن منظور إنها للمبالغة من رجل آيب من قوم أوب أي كثير الرجوع إلى الله عز وجل من ذنبه.
وقد ذكر اللغويون في هذه اللفظة سبعة أقوال ليس هذا مكانه. وهذه اللفظة مستعملة في القرآن بكثرة على صيغ مختلفة كقوله تعالى : “وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب”. وكقوله : “يا جبال أوبي معه”. وكقوله : “داوود ذا الأيد، إنه أواب”.
كما استعملها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه : كان يقول إذا أقبل من سفره : “آيبون نائبون لربنا حامدون” كما قال : “شغلونا عن صلاة الوسطى حتى آيت الشمس، ملأ الله قلوبهم نارا”.
31) لفظة : “يخرصون” في الآية 20 من سورة الزخرف، ومعناها يكذبون. لقد شرحها الزجاج بهذا فقال في قوله تعالى : “قتل الخراصون” : الكذابون.
32) يرجون في قوله تعالى : “قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون” وهي الآية 14 من سورة الجاثية.
33) قوله : “بالهم” في الآية الخامسة من سورة القتال التي يطلق عليها أيضا سورة محمد والآية
هي : “سيهديهم ويصلح بالهم” ومعنى هذه اللفظة في لغة هذيل : حالهم.
34) كلمة : “يهجعون” الكائنة في قوله تعالى : “كانوا قليلا من الليل ما يهجعون” الآية 17 من سورة الذاريات ومعناها ينامون.
35) لفظة : “ذنوب” في قوله عز وجل : “فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون” ومعناها نصيبا من العذاب.
36) الدسر التي بمعنى المسامر في الآية 13 من سورة القمر والتي يقول الحق سبحانه فيها. “وحملناه على ذات ألواح ودسر” كما وردت هذه المفردة بهذا المعنى في حديث لعلي كرم الله وجهه قال : “رفعها بغير عمد بدعمها ولا دسار ينتظمها.
والدسر بضم السين جمع لدسار بكسر الدال كما نجمع على دسر بتسكين السين كعسر وعسر.
37) لفظة الأمد الهذلية الموجودة في الآية 16 من سورة الحديد ومعناها الأمل. وهي الآية التي أبكت قوما من أهل اليمامة لما قرئت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم صامتون يستمعون.
فماذا يا ترى يقول عنا الحق سبحانه وتعالى، نحن الذين نقرأه بأتمه، ونستمع إلى ترتيله صباح مساء، ولا تخشع قلوبنا القاسية. وقد ظهر فينا من الفسق ما لا يستطيع وصفه الواصفون، والعياذ بالله – قال تعالى في هذه الآية : “ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق. ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون”.
وقد وردت هذه المفردة في أربع آيات من القرآن الكريم جاءت في سورة الحديد، وهي التي تعرضنا لها أعلاه كما وردت في آل عمران الآية 30 وفي الكهف الآية 12 وأخيرا في الجن الآية 25.
38) التفاوت بضم الواو ومن قرأها بفتحه أتى بمصدر غريب تنكره اللغة العربية الفصيحة. قال إمام النحاة شاهدا على ذلك : “ليس في المصدر تفاعل ولا تفاعل” الأولى بفتح العين والثانية بكسرها.
39) أرجائها وهي لفظة بمعنى نواحيها وتوجد في الآية 17 من سورة الحاقة.
40) قوله تعالى “أطوارا” في الآية 14 من سورة نوح التي يقول فيها عز وجل : “وقد خلقكم أطوارا” ومعناه ألوانا.
41) لفظة “وزر” في الآية 11 من سورة القيامة وهي : “كلا لا وزر” ومعنى هذه الكلمة في لغة هذيل ولد الولد، ويكون معنى كلامه تبارك وتعالى : “سيقال للإنسان يوم القيامة حين يبرق البصر ويخسف القمر وتجمع الشمس والقمر : “لا ولد لك تستغيث به وتلجأ إليه”.
وتستعمل هذه المفردة في لغة أهل اليمن بمعنى الحيلة. كما أن المهتمين بلهجات القرآن يقولون لها معنى “لا حيل ولا ملجأ” في لغة توافق النبطية.
42) قوله تعالى : “بردا” الكائنة في سورة النبأ كما يسميها جمهور شراح القرآن، وعم، كما يسميها الزمخشري في كتابه وكل من يتبعه من المهتمين بدراسة القرآن الكريم. وتوجد هذه المفردة في الآية 24 من هذه السورة ومعناها النوم بلغة هذيل – ولقد استعملها في هذا المعنى الشاعر عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان الملقب بالعرجي فقال :
فلو شئت حرمت النساء سواكم
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
وهو يقصد بالبرد النوم – كما استعملها العرب قديما بهذا المعنى في قولهم : “منع البرد البرد” وهو كما نرى من الجناس التام.
43) “دهاقا” في قوله تعالى : “وكأسا دهاقا” ومعناها ملأى الآية 34 من سورة النبأ أو عم كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
44) لفظة بظنين على من يقرأها بظاء معجم فإذا كان كذلك كانت المفردة هذلية وجاءت بمعنى متهم، أما إذا كانت غير معجمة، وهي القراءة السائدة عندنا في المغرب فتكون بمعنى بخيل وهي لغة قريش ولا تهمنا – وتوجد هذه المفردة في سورة التكوير الآية 24.
45) قوله تعالى “زرابي” في الآية 16 من سورة الغاشية التي يقول فيها عز وجل : “وزرابي مبثوتة” وهي الطنافس والغريب في الأمر أن هذه المفردة مستعملة في لهجتنا المغربية بالمعنى الموجود في لغة هذيل.
46) قوله : “مسغبة” في الآية 14 من سورة البلد ومعناها مجاعة بلغة هذيل.
هذه هي الألفاظ الهذلية الموجودة في القرآن الكريم وسنشرع في حديثنا المقبل في سرد ألفاظ قبيلة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لا نستخدم اعلانات مزعجة ، لطفاً يرجى تعطيل مانع الاعلانات ظهور الاعلانات يساعد موقعنا على الاستمرار وتغطية التكاليف