مواقف غريبة للفاتح طارق بن زياد “3”

كان طارق بن زياد قائد مغوار وقوي وهو ما أدي إلي تداول أقاويل حول قوته واستبساله في القتال، وكان معروفاً عنه أنه لا يتراجع في أي معركة، وله عدة مواقف جميعها غير مؤكدة بشكل قاطع ومنها:
1- قيل أن القائد طارق بن زياد، أمر بحرق السفن التي قام الجيش الاسلامي باستقلالها للوصول لأراضي الجزيرة الأيبيرية “الأندلس” وذلك لقطع الطريق أمام الجيش للرجوع وجعل الجنود أمام حلين إما النصر وفتح الأندلس وإما الاستشهاد وهو ما جعل الجنود يستبسلون في القتال أمام العدو، حتي وفقهم الله للفوز علي جيش القوط في وادي دكة بالرغم من كونهم أضعاف عدد المسلمين، وهو الموقف الذي لم يتأكد ولكنه يدل علي شخصية قوية ومستبسلة للغاية.
2- قتله لقائد القوط “لذريق”، وقيل أنه صوب سهماً تجاهه وأرده قتيلاً علي الفور، وهتف في الجيش الاسلامي “قتلت لذريق .. قتلت الطاغية” لاشعال حماس المسلمين وزيادة استبسالهم واشعارهم بقرب النصر.
3- نقلت عنه خطبة طويلة وقوية جداً لجنوده قبل قتال “وادي دكة” وهي المعركة الكبري والأشد خطراً علي المسلمين ويظهر من الخطبة أنه قوي وثابت الانفعالات كما أنه قادر علي قياس نفسية جنوده جيداً، وليس مجرد قائد عسكري فذ فقط ولكنه عالم بالأمور النفسية وكيفية إشعال الحماسة حيث قال:
“أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام على مائدة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت.
وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة، ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ قليلاً، استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي”.
وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عُربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا، وأختانًا، ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان؛ ليكون حظُّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمًا خالصة لكم من دونه، ومن دون المؤمنين سواكم، والله – الله – ولَّى أنجادكم على ما يكون لكم ذِكرًا في الدارين.
واعلموا أنني أول مُجيب لما دعوتكم إليه، وأني عند مُلتقى الجمعين حامل نفسي على طاغية القوم لذريق، فقاتله – إن شاء الله -، فاحملوا معي، فإن هلكت بعده، فقد كفيتكم أمره، ولم يعوزكم بطلب عاقد تسندون أموركم إليه، وإن هلكت قبل وصولي إليه؛ فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهمَّ من الاستيلاء على هذه الجزيرة بقتله؛ فإنهم بعده يُخذلون”.