الصحابة

موقف الصحابة عندما انتقل النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى جوار ربه

لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبو بكر – رضي الله عنه – في أرض له بالسنح فتواترت إليه الرسل ، فأتي وقد ذهل الناس ، وتفرقت أحوالهم ، واضطربت أمورهم ، فكذب بعضهم بموته ، وصمت آخرون وما تكلموا كأنهم الخرس ، وخلط آخرون ، فنطقوا بغير بيان وحق لهم ذلك ، للرزية العظمى ، والمصيبة الكبرى.
وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ممن كذب بموته ، وقال: ما مات ، وليرجعنه الله ، وسأقطع أيدي المنافقين وأرجلهم ، إ يتمنون لرسول الله صلا الله عليه وسلم الموت ، وإنما واعده ربه ، كما واعد موسى ، وسيعود إليكم.
وأما عثمان – رضي الله عنه – فأبلس ولم يخاطب أحداً ، وبات الناس يقتادونه بيده ويرجعون به – فينقاد.
وأما علي – رضي الله عنه – فجلس في بيت الرسول ولم يبرحه حتى دخل أبو بكر في وقاره وثبات عقله ، ورزانة منطقه فمال على الرسول وكشف عن وجهه ، وقبل جبينه ، وبكى بكاء شديداً ، وقال: بأبي أنت وأمي طبت حياً وطبت ميتاً ، وانقطع لموتك – ما لم ينقطع لموت أحد من الأنبياء – من النبوة ، فعظمت عن الصفة وجللت عن البكاء ، ولولا إنك نهيت عن البكاء لأنفذنا عليك ماء الشئون ، فأما مالا نستطيع نفيه عنا فكمد وإدناف ، يتحالفان ولا يبرحان ، ولولا ما خلفت من السكينة لم نقم ، لما خلفت من الوحشة ، اللهم فأبلغه عنا السلام ، أذكرنا يا محمد عند ربك”.
ولما خرج إلى الناس – في هم وغم شديدين – فخطبهم قائلاً: “أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأشهد أن الكتاب كما نزل وأن الدين كما شرح ، وأن الحديث كما حدث وأن القول كما قال ، وأن الله هو الحق المبين”.
أيها الناس: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، وإن الله قد اختار لنبيه ما عنده على ما عندكم ، وقبضه إلى ثوابه ، وخلف فيكم كتابه ، وسنة نبيه فمن أخذ بهما عرف ومن فرق بينهما أنكر ، يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ولا يشغلنكم الشيطان بموت نبيكم ، ولا يفتتنكم عن دينكم”.
ثم التفت إلى عمر رضي الله عنه و قال: يا عمر بلغني أنك تقول: ما مات نبي الله: أما علمت أنه قرأ علينا في يوم كذا وفي يوم كذا: قول الله تبارك وتعالى: “إنك ميت وإنهم ميتون” ! فقال عمر: والله لكأني لم أسمع بها في كتاب قبل اليوم ، أشهد أن الكتاب كما نزل ، وأن الحديث كما حدث ، وأن الله حي لا يموت ، إنا لله وإنا إليه راجعون ” وتصبر رضي الله عنه بكتاب الله عز وجل وإن ظل حزينا لأنه ما أشق على النفس مفارقة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لا نستخدم اعلانات مزعجة ، لطفاً يرجى تعطيل مانع الاعلانات ظهور الاعلانات يساعد موقعنا على الاستمرار وتغطية التكاليف